"ثورة ناعمة" على سفين في اربيل.. نساء يتسلقن الجدران الجيرية كسرا للتقاليد (صور)
شفق
نيوز/ في ظل جبل سفين في اربيل، تنكشف ثورة هادئة ولكن حازمة ليس من خلال
الاحتجاجات أو السياسة، ولكن من خلال النساء اللواتي يربطن الحبال، ويتشبثن
بالجدران الجيرية، ويتسلقن إلى ارتفاعات غير مستكشفة.
لا تزال
رياضة تسلق الصخور في أربيل في بداياتها مقارنةً بمناطق أخرى في إقليم كوردستان،
مثل السليمانية، حيث ثقافة تسلق الجبال أكثر تطورًا وتنظيمًا، لكن مجموعة صغيرة من
المتسلّقات لا يقتصر دورهن على تسلق الصخور، بل يتجاوزنه لكسر الحواجز أيضًا.
من
بينهن مينا أياد، المتسلقة الشابة المتدربة احترافيا، وأصبحت من أوائل الشخصيات
النسائية المعترف بها في مجتمع تسلق الجبال الناشئ في أربيل.
تقول
مينا لوكالة شفق نيوز: "انضممتُ لأول مرة إلى تدريب التسلق والإنقاذ الذي يقدمه
اتحاد تسلق الجبال الكوردستاني عام 2022، من بين جميع المشاركات، كانت هناك ثلاث
نساء فقط وكنتُ واحدةً منهن، حطمتُ الرقم القياسي في وقت الإنقاذ".
منذ ذلك
الحين، شاركت مينا في تدريبات متقدمة على التسلق، بل وحتى في تسلق الجليد
والإنقاذ، لكن الرحلة لم تكن دائمًا سلسة، تقول: "توقفت عن التسلق لفترة
لأنني كنت الأنثى الوحيدة في المجموعة، شعرتُ بالعزلة".
لم
يمنعها ذلك من العودة بعزيمة أكبر، تتدرب مينا الآن أسبوعيًا مع فريق تسلق اتحاد
متسلقي الجبال في أربيل، إلى جانب متسلقات أخريات مثل هداية آزاد، 25 عامًا، التي انضمت
إلى الفريق عام 2024 بعد تجربة تسلق غيّرت حياتها في وادي الموسيقى.
تتذكر
هداية بالقول: "التقيت بمينا على جبل سفين، وعلمتني كيفية التسلق، شعرت بتدفق
هائل من الأدرينالين، فسألتها على الفور متى سنعود لنتسلق؟ ومنذ ذلك الحين، أتسلق
أربع مرات أسبوعيًا".
تتدرب
هداية ومينا لتصبحا متسلقتين رئيسيتين، مع التركيز على تقنيات التثبيت وتثبيت
المرساة والإنقاذ، كما تسعيان للحصول على شهادة كمرشدتين في التسلق، ليس فقط
لرياضة التسلق، بل لبناء جيل جديد من المتسلقات.
ويوجد
في أربيل حاليًا موقعان رسميان للتسلق، وهما "ربن بويا"، الذي تم تطويره
في عام 2010، و"مسارات وادي الموسيقى" بالقرب من جبل سفين، التي تم
إنشاؤها في عام 2019.
ووفقًا
لسيامند جعفر، المتسلق المخضرم ورئيس قسم التعليم في مركز أربيل لاتحاد تسلق
الجبال الكوردستاني، فإن هذه المواقع آمنة ولكنها لا ترقى إلى المعايير الدولية
بعد.
يؤكد
سيامند لوكالة شفق نيوز: "بدأت رياضة التسلق في أربيل رسميًا بأول تدريب لنا
عام 2022، ومنذ ذلك الحين، قمنا بتكوين فرق إنقاذ وتقديم دورات تسلق الصخور
والجليد، لكن التحديات لا تزال قائمة، ولا سيما في توفير التمويل اللازم لتطوير
هذا القطاع".
وبالنسبة
للعديد من النساء، لا تزال الضغوط المجتمعية تُشكّل عائقًا كبيرًا، حيث تشير مينا
الى ان "بعض العائلات تتردد في السماح لبناتها بالتسلق، يعتقدن أنه أمرٌ
خطيرٌ للغاية أو غير مناسب، لكن بمجرد أن تختبريه الأدرينالين، والثقة بالنفس،
والتقنية تُدركين كم يُمكّنكِ ويرفع معنوياتكِ."
يوافق
سيامند هذا الرأي قائلاً: "لا يزال مجتمعنا يتمسك بآراء تقليدية حول مشاركة
المرأة في الأنشطة الخارجية والجبلية، لكننا نعمل جاهدين لتغيير ذلك، نحتاج إلى
المزيد من المتسلقات، ونشجعهن دائمًا على الانضمام لأن المرأة نصف المجتمع".
تتدرب
مينا وزميلاتها بانتظام في جدار التسلق في حديقة البيشمركة في أربيل وفي وادي
الموسيقى، خلف جبل سفين.
توضح
هداية: "إنه أمر مخيف عندما تنظر للأعلى وأنت تتسلق، لكن عليك أن تدرب عقلك
على الثقة بجسدك ومعدّاتك، تكتشف في جسدك أشياء لم تتوقعها أبدًا، يجعلك ذلك تشعر
وكأنه لا حدود لك، وكأنك تطير."
واحدى
العوائق الرئيسية هي التكلفة، فمعدات التسلق باهظة الثمن، وتطوير المسارات يتطلب
استثمارًا كبيرًا مثل البراغي، والمراسي، وأدوات السلامة، والتدريب.
ويتدرّب
اتحاد تسلّق الجبال الآن ثلاث مرات في الأسبوع، وتُجرى حاليًا خطط لزيادة التعليم
في مجال التسلّق، وتهيئة المزيد من المسارات بشكل رسمي، واستضافة مسابقات وفعاليات
دولية في المستقبل.
قال
سيامند: "جبال كوردستان تتمتع بإمكانيات هائلة، جبل سفين وحده قادر على
استضافة العشرات من مسارات التسلق عالمية المستوى، لكننا نحتاج إلى الدعم والأدوات
والتمويل والتوعية المجتمعية"
وأضافت
هداية: "لطالما عاش الكورد في الجبال، وهذا يمنحنا أفضلية. يمكن أن تصبح كوردستان
من أفضل الأماكن في العالم لتسلّق الجبال. نحن فقط بحاجة إلى الاستثمار فيها."
بالنسبة
لمينا، لا يقتصر حلمها على تحقيق إنجاز شخصي فحسب حيث تقول: "أريد الوصول إلى
المستوى الذي يُمكّنني من تمثيل وطني في مسابقات التسلق الدولية، بل أكثر من ذلك،
أريد بناء ثقافة تسلق آمنة وشاملة وقوية، حيث تشعر النساء بالانتماء."